الدعــوة إلــى القوميــة العربيــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع: الدعــوة إلــى القوميــة العربيــة .
الكاتب: عبدالله.ن.النعيمي اضيف الموضوع يوم 19-02-99 11:30
السلام على من إتبع الهدى وبعد،،،،
* لقد كثرالحديث عن القومية العربية وكثر الحديث عن الدعوة إليها وكثر الدعاة إليها هنا في
الآونة الأخيرة ولقد تبعهم وأيدهم كثير من أبناء الأمة الإسلامية إما عن جهل غير مقصود
وإما عن قصدٍ متعمد..ولذلك إرتأيت من باب الأمانة أن أقدم بحثاً حول الموضوع يتناول ما
أمكنني تناوله من الجوانب الخفية لهذه الدعوة وخفاياها المبطنة فلم أجد أفضل من نقد الدعوة
القومية من خلال المنظورالإسلامي .. والحمد لله والشكر له فلقد وقع بين يدي عن طريق
الصدفة هذا الكتيب القيم للعلامة فضيلة الشيخ / عبدالعزيز بن باز..بعنوان ( نقد القومية
العربية على ضوء الإسلام والواقع ) وهو ما قد وفر علي كثير من الجهد وأراحني من عناء
البحث والتنقيب فقمت بنقل بعض النصوص حرفياً وأوردتها في هذا البحث.. فلله الحمد من
قبل ومن بعد ووفقني الله لما قصدت وهو من وراء كل قصد.
* تعريف عناصر القومية العربية :-
- إختلف الدعاة إليها في عناصرها ، فمن قاثل : انها الوطن ، والنسب ، واللغة العربية . ومن
قائل : انها اللغة فقط.
ومن قائل : انها اللغة مع المشاركة في الآلام والآمال . ومن قائل غير ذلك . ويتبين مما سبق
ذكره أن الدين ليس من عناصرها عند أساطينهم والصرحاء منهم ، وصرح بعضهم أنها
تحترم الأديان كلها من الإسلام وغيره.
* أهدافها :-
-كما عرفه البعض من دعاتها هو فصل الدين عن الدولة ، وإقصاء أحكام الإسلام عن
المجتمع ، والإعتياض عنها بقوانين وضعية ملفقة من قوانين شتى ، وإطلاق الحرية للنزعات
الجنسية والمذاهب الهدامة ( لابلغهم الله مناهم).
* النظرة الإسلامية إلى الدعوة للقومية العربية ..
- الدعوة إلى القومية العربية وغيرها من القوميات ، دعوة باطلة وخطأ عظيم فادح ومنكر
ظاهر وكيد سافر للإسلام
وأهله ، وذلك من عدة وجوه :-
* الوجه الأول :- إن الدعوة إلى القومية العربية تفرِّق بين المسلمين ، وتفصل بين المسلم
العجمي عن أخيه العربي،
وتفرق بين العرب أنفسهم لأنهم كلهم ليسوا يرتضونها ، وإنما يرضاها منهم قوم دون قوم ،
وكل فكرة تقسم المسلمين وتجعلهم أحزاباً هي بلا شك فكرة باطلة وهدامة تخالف مقاصد
الإسلام ومايرمي إليه من وحدة الصف ولم الشمل والجماعة حيث أن قرآننا يدعونا إلى
الإجتماع والوئام..قال الله تعالى { واعتصموا بحبل الله جميعاً ولاتفرقوا }
، كذلك وكما بينت سابقاً فإن هدف القومية غير هدف الإسلام وإن مقاصدها تخالف مقاصد
الإسلام والدليل على ذلك أن الدعوة إلى القومية العربية وردت إلينا وجاءت من أعدائنا
الغربيين ليكيدونا بها نحن المسلمين ولفصل بعضنا عن بعض وتحطيم كياننا وتفريق شملنا
على نحو قاعدتهم المشؤومة ( فرق تسد ) وذكر كثيرمن مؤرخي الدعوة إلى القومية العربية
ومنهم مؤلف الموسوعة العربية : أن أول من دعا إلى القومية العربية هم الغربيون على أيدي
بعثات التبشير في سويا ليفصلوا الترك عن العرب ويفرقوا بين المسلمين، فهل تظن عزيزي
القارئ أن خصومنا وأعداءنا يسعون في مصالحنا بابتداعهم هذه الدعوة وعقد المؤتمرات لها
( أول مؤتمرعقد في باريس عام1910) وإبتعاث المبشرين لها..؟
قد يثور التساؤل لدى البعض مالمصلحة التي سوف يجنيها الغرب من الدعوة إلى القومية
العربية خصوصاً إذا ماعلمنا أن الغرب يزعجه أي تجمع ويقلق راحته أي تكتل ضد
مصلحته..؟
أقول وكما هو معروف لدى العقلاء أنه إذا كان لابد من أحد الضررين فارتكاب أهونهما
أولى حذراً من الضررالأكبر..وبما أن خوف الغرب من التكتل حول الإسلام أكبر وأعظم
كما هو معلوم لدى الجميع.. ولذلك رضي بالدعوة إلى القومية العربية وحفز العرب إليها
ليتمكن من شغلهم بها عن الإسلام وليقطع بها صلتهم بالله سبحانه وتعالى لأنهم يعلمون علم
اليقين ليس للمسلمين من نصر إلا بتمسكهم بإسلامهم الصحيح..وكما قال الله تعالى : {
ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز * الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة
وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور }.
* الوجه الثاني :-
إن الإسلام نهى عن دعوى الجاهلية وحذَّر منها ولاريب أن الدعوة إلى القومية من أمر
الجاهلية لأنها دعوة إلى غير الإسلام ومناصرة لغير الحق..وكما قال الشيخ إبن تيمية رحمه
الله : كل ما خرج عن دعوى الإسلام والقرآن من نسب أو بلد أو جنس أو مذهب أو طريقة
فهو من عزاء الجاهلية بل لمَّا اختصم مهاجري وأنصاري فقال المهاجري : ياللمهاجرين وقال
الأنصاري ياللأنصار، قال النبي صلى الله عليه وسلم (أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم)
وغضب لذلك غضباً شديداً.
قال الله تعالى : { إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية }.. وفي سنن أبي
داود ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( ليس منا من دعا إلى عصبية ، وليس منا من
قاتل على عصبية ، وليس منا من مات على عصبية ).. وفي صحيح مسلم أن النبي صلى الله
عليه وسلم قال : ( إن الله أوحى إليّ أن تواضعوا حتى لايبغي أحد على أحد ولايفخر أحد
على أحد ) ولاريب أن دعاة القومية يدعون الى العصبية ويغضبون لعصبية ويقاتلون على
عصبية ولاريب أيضاً أن القومية العربية تدعو الى الغي والفخر لأن القومية العربية ليست
ديناً سماوياً يمنع أتباعه من البغي والفخروإنما هي فكرة جاهلية تحمل أهلها وأتباعها على
الفخربها والتعصب لها على من نالها بشيء.
كما كان الحال في الجاهلية حيث كانت سنتهم الفخر بالأنساب والأحساب والأسلاف..،
والآسلام غير ذلك تماماً حيث أنه يدعونا الى التواضع والتقوى والتحاب في الله وعدم
التفاضل بين جنس وآخر حيث قال الله تعالى :
{ ياأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله
أتقاكم }
وروى الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الله قد أذهب عنكم عصبية الجاهلية
وفخرها بالآباء، إنما هو مؤمن تقي أو فاجر شقي ، الناس بنو آدم وآدم خُلق من تراب ، ولا
فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى ).
ومن ذلك ماثبت في الحديث الصحيح عن الحارث الأشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال : ( إن الله أمر يحيى بن زكريا بخمس أن يعمل بهن ويأمر بني إسرائيل أن يعملوا بهن )
فذكرها ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( وأنا آمركم بخمس ، الله أمرني بهن : السمع
والطاعة ، والجهاد ، والهجرة ، والجماعة ، فإنه من فارق الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة
الإسلام من عنقه إلا أن يرجع ،ومن دعا بدعوى الجاهلية فهو من جُثى جهنم ) قيل : يارسول
الله وإن صلى وصام ؟ قال : ( وإن صلى وصام وزعم أنه مسلم ،فادعوا بدعوى الله سماكم
المسلمين المؤمنين عباد الله ) ولعمري أن هذا الحديث الصحيح من أوضح الأحاديث وأبينها
في إبطال الدعوة إلى القومية العربية واعتبارها دعوة جاهلية يستحق دعاتها ان يكونوا من
جُثى جهنم وإن صاموا وصلوا وزعموا أنهم مسلمون. فياله من وعيد شديد وتهديد أكيد
وتحذير ينذر كل مسلم من دعوات الجاهلية والركون إلى معتنقيها وإن زخرفوها بالمقالات
السحرية والخطب الرنانة والخيالات الواسعة التي لاأساس لها من الحقيقة ولاشاهد لها من
الواقع ، وإنما هو التلبيس والخداع والتقليد الأعمى الذي ينتهي بأهله إلى أسوإ العواقب،
نسأل الله السلامة من ذلك.
* الوجه الثالث :-
من الوجوه الدالة على بطلان الدعوة إلى القومية العربية : هو أنها سلّم إلى موالاة
كفارالعرب وملاحدتهم من أبناء غير المسلمين واتخاذهم بطانة والأستنصار بهم..ومعلوم من
هذا الفسادالكبير والمخالفة لنصوص القرآن الكريم والسنة الدالة على وجوب بغض الكافرين
من العرب وغيرهم ومعاداتهم وتحريم موالاتهم واتخاذهم بطانة..إستناداً إلى قول الله تعالى :
{ يأيها الذين آمنوا لاتتخذوا اليهود والنصارى أولياء، بعضهم أولياء بعض، ومن يتولّهم منكم
فإنه منهم إن الله لايهدي القوم الظالمين * فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم
يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة..} . سبحان الله ما أصدق قوله وأوضح بيانه ، هؤلاء
القوميون يدعون إلى التكتل حول القومية العربية مسلمها وكافرها ، يقولون : نخشى ان
تصيبنا دائرة ، نخشى ان يعود الإستعمار وأن يطمع الغرب فينا..نخشى ان تسلب ثرواتنا
بأيدي أعدائنا ، فيوالون لأجل ذلك كل عربي من يهود ونصارى ومجوس ووثنيين وملاحدة
وغيرهم تحت لواء القومية العربية ،ويقولون : إن نظامها لايفرق بين عربي وعربي وإن
تفرقت أو إختلفت أديانهم ، فهل هذا إلا مصادمة لكتاب الله و مخالفة لشرع الله وتعدٍ لحدود
الله وموالاة ومعاداة وحب وبغض على غيردين الله؟..، فما اعظم ذلك من باطل ومأسوأه من
منهج ..القرآن يدعو إلى موالاة المؤمنين ومعاداة الكافرين أينما كانوا وكيفما كانوا، وشرع
القومية العربية يأبى ذلك ويرفضه ويخالفه ( قل أأنتم أعلم أم الله ) ويقول الله سبحانه وتعالى
:
{ يأيها الذين آمنوا لاتتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تُلقون إليهم بالمودة } إلى قوله تعالى {
ومن يفعله منكم فقد ضلُ سواء السبيل }.
ونظام القومية يقول : كلّهم أولياء مسلمهم وكافرهم.. والله تعالى يقول : { لاتجد قوماً يؤمنون
بالله واليوم الآخر يوادُّون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو
عشيرتهم }..، وشرع القومية وشرع دعاتها يقول : اقصوا الدين عن القومية ، وافصلوا
الدين عن الدولة ، وتكتلوا حول انفسكم وقوميتكم حتى تدركوا
مصالحكم وتستردوا امجادكم ، وكأن الإسلام وقف في طريقهم وحال بينهم وبين أمجادهم..؟
هذا والله هو الجهل والتلبيس وعكس القضية وإنه لبهتان عظيم..وكيف يجوز في عقل عاقل
أن يكون أبوجهل وأبو لهب وعقبة ابن أبي معيط والنضر بن الحارث وأضرابهم من صناديد
الكفار في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وبعده إلى يومنا هذا إخوانأً وأولياء لأبي بكر وعمر
وعثمان وعلي وسائر الصحابة ومن سلك نهجهم وسبيلهم من العرب إلى يومنا هذا..؟
هذا والله أبطل الباطل وأعظم الجهل.. وشرع القومية ونظامها يوجب هذا ويقتضيه وإن أنكره
البعض من دعاتها جهلاً أو تجاهلاً و تلبيسا..، فلاحول ولاقوة إلابالله العلي العظيم.
* الوجه الرابع :-
-يقال إن الدعوة إلى القومية العربية والتكتل حول رايتها يفضي بالمجتمع ولابد إلى رفض
حكم القرآن ، لأن القوميون غير المسلمين لن يرضوا تحكيم القرآن فيوجب ذلك لزعماء
القومية أن يتخذوا أحكاماً وضعية تخالف حكم القرآن حتى يستوي مجتمع القومية في تلك
الأحكام.. وقد صرح بذلك كثير منهم..، وهذا هو الفساد العظيم والكفر المستبين والردة
السافرة ، كما قال تعالى : { فلا و ربك لايؤمنون حتى يحكِّموك فيما شَجَر بينهم ثم لا يجدوا
في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلِّموا تسليما } ، وقال الله تعالى : { أفحكم الجاهلية يبغون
ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون } وقال تعالى : { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم
الكافرون } .
* فالواجب على زعماء القومية العربية ودعاتها أن يحاسبوا أنفسهم ويتهموا رأيهم وأن
يفكروا في نتائج دعوتهم المشؤومة وغايتها الوخيمة ، وأن يكرسوا جهودهم ويسخروا
طاقاتهم للدعوة إلى الإسلام ونشر محاسنه والتمسك بتعاليمه والدعوة إلى تحكيمه بدلاً من
الدعوة إلى قومية أو الوطنية.
* نسأل الله أن يصلح قلوبنا ، وأن يعرِّفنا ذنوبنا ، ويمنّ علينا بالتوبة منها ، وأن يهدينا وسائر
إخواننا سواء السبيل....إنه على كل شيء قديـــــر.
------------------
وســـــامحــــــــــــــــونـــي ،،،،
النعيــــ عبدالله ــــــــمي.